الأحد، ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٩

سلسلة ( استراتيجيات )

الاستراتيجية  والتكتيك (1)




سلسلة من اعداد
د . حمزة زوبع
مؤسس ومدير مركز DevComm  لاستشارات الاعلام الاستراتيجي والتنموي

 الهوة ما بين عالم الاستراتيجية والتكتيك تكاد تتسع شيئا فشيئا خصوصا في ظل التنافسية الشديدة فيما بين الشركات والمؤسسات وحتى بين الدول والجماعات والمنظمات ، فعالم اليوم يشهد تنافسية محمومة يروح ضحيتها على الدوام أولئك الذين يمشون في طريقهم بلا استراتيجية ويعتمدون على التكتيك كوسيلة للبقاء والحياة في زمن تحكمه أقوى العقول وتسيطر عليها أبدع المفاهيم سواء كانت صالحة أم فاسدة لكنها مبدعة كونها لا نظير لها من قبل .

وتتساءل عزيزي القاريء ومال الفرق اذن بين الاستراتيجية والتكتيك وألخص الفرق في عبارة شعبية نقولها للشخص حين يسعى لمصلحة آنية على حساب مصالح مستقبلية أعم وانفع فنقول إن فلانا ( لايرى أبعد من قدميه ) 

وهذا يعني في عالم الادارة أنه شخص غير بعيد النظر أو نظره ( الاداري ) ضعيف فلا يرى أو يتنبأ أو يبحث في عالم الغد وما يمكن أن تكون عليه شركته أو مؤسسته أو حتى وزارته ودولته ككل .

الاستراتيجيون هم  أناس يخططون للمستقبل بعد أن يتعرفوا على الواقع الحالي ويدرسونه ويحللونه من عدة زوايا وبعدة طرق أشهرها ما يعرف بتحليل الضعف والقوة SWOT  والذي (كما هو موضح من الرسم أدناه) يعتمد على تحليل أربعة أشياء رئيسية وهي مناطق القوة والضعف ( في داخل المؤسسة ) ومناطق التهديد والفرص المتاحة ( من خارج المؤسسة ) . فليس من الواقعي أن نقوم بالتركيز على مناطق القوة ونعددها ونغفل مناطق الضعف أو نهملها لأن إهمالها يعني أن الوزارة أو المؤسسة أو الشركة ( معصومة ) أو أن مسئوليها ( لا يرونها)  أو لايستطيعون رؤية نقاط الضعف وما أكثرها على أي حال ... ووجود نقاط الضعف لا يعني انهيار الشركات أو المؤسسات أو الوزارات بل يعني أهمية التفكير في اصلاح تلك النقاط وتقليل مخاطرها .
أما الفرص والتهديدات الآتية من الخارج وعليه فإن تحليلها يحتاج الى عيون خبيرة وملمة بالواقع الخارجي وليست منكبة على الواقع الداخلي ومنشغلة بكل تفاصيله ...


وربما قليلون من يعرفون أن هناك طرقا أخرى لتحليل الواقع من بينها تحليل الواقع بكل مكوناته والذي تختصره كلمة PEST  وهي اختصار لأربعة مناطق يجب تحليلها وهي السياسة Political   والاقتصاد Economy والاجتماع Social والتكنولوجيا المتاحة  Technology . وهذه الطريقة من التحليل تصلح للدول والشركات العالمية الكبرى التي تتعاطى مع متغيرات سياسية وقانونية وتشريعية وثقافية وفكرية ينجم عنها تطورات اجتماعية في ضوء التقدم التكنولوجي وكيف يمكن استثمار هذا التقدم لخدمة استراتيجية تلك الدول والمؤسسات الكبرى .

وهناك نموذج ثالث للتحليل يعرف بتحليل القوى الخمس Five Forces Analysis  ويتضمن تحليل موقف المنافسين والموردين والعملاء والمنتجات البديلة والمنتجات الجديدة .. وهذا النموذج تتمثلأهميته في أنه يعتمد على دراسة السوق والتعرف على الوفادين الجدد من المنتجين والمنافسين الذين قد لايعمل لهم حساب ثم نفاجئ بهم يتقدمون على غرار سنغافورة وماليزيا وكوريا ... وتركيا حاليا .




أما أولئك الذين لا يرون إلا ما تحت أقدامهم فإنهم جيدون في مهارات الكر والفر واستخدام وسائل اقناع وتاثير سريعة ومفيدة في أغلب الأحيان لكنها لا تستند الى رؤية استراتيجية فكل ما يعين هو أن تمر المرحلة الراهنة فقط وليس لهم علاقة بالغد أو الساعة المقبلة ...

وقد يكون للتكتيكيين دور مهم في الشركة التي لديها استراتيجيات تتعرض للتغيير بين الحين والآخر وهؤلاء يستطيعون قيادة المؤسسات والوزارات والتعامل مع المتغيرات بأداء يفوق بكثير أداء الاستراتيجيين بل لعل أبلغ ما قيل في هذا الشأن ( أن الاستراتيجيين الحقيقيين هم التكتيكيون البارعون من أصحاب الانجازات والتاريخ) ...

 فليست كلمة التكتيك عيبا أو سبة بل هي وصف لأداء فريق ما خلال مرحلة زمنية قصيرة فإن كان هذا الأداء وفقا لاستراتيجية طويلة المدى كانت النتائج مبهرة وإن كان وفقا لنظرة محدودة وقصيرة كانت النتائج مرضية الى حد ما لكنها مؤقتة  كما أنها ليست  طويلة المدى بأي حال .

الاستراتيجيون هم وحدهم الذين يمكنهم  قراءة الواقع وتحليله وتقييمه تقييما موضوعيا و بامكانهم وضع خطط استراتيجية تراعي مايلي :
1- امكانات المؤسسة وقدرات أفرادها
2- مواردها المالية
3- علاقاتها المتمددة مع الآخرين
 4- ثقافة المؤسسة التي تربى عليها من يعمل بها
5- الاستعداد والقرار السياسي لإدارة المؤسسة
6- الاستعداد النفسي للعاملين بالمؤسسة أو الوزارة
7- مباركة ودعم المساهمون وأصحاب المؤسسة أو رعاتها أو الجهة الأعلى كمجلس الادارة أو مجلس الوزراء أو الرئاسة نفسها

ثم تبدأ رحلة التخطيط لبناء استراتيجية المؤسسة ...  كيفية صياغة الرؤية Vision