الخميس، ٤ فبراير ٢٠١٠

مفاهيم ادارية (1) الادارة بضمير

يعد مفهوم الادارةManagement with Conscius رية الحديثة ، وقد نشأ مع تدخل الكنيسة في العصر الحديث في علم الادارة من خلال اضفاء بعض اللمسات الروحية على النظم الاجراءات الادارية لتخفيف قسوة التعامل الرأسمالي والنظرة السلبية للعمال والموظفين بالمؤسسات ... وقد صحب هذا المفهوم مفهوم آخر هو المسئولية الاجتماعية Social Responsibilty  وهو مفهوم معني بضرورة أن يكون الجميع خصوصا في عالم المال والأعمال له دور اجتماعي ومسئول أمام المجتمع الذي اتاح له فرصة النمو والربح ...وبالتالي عليه سداد جزء من فاتورة النجاح للمجتمع الذي ساهم في نجاحه ..
ولكن ألا تعتقد عزيزي القاريء أن مفهوم الضمير والدين ودورهما في الحياة عموما هو من الأمور التي حث عليها الاسلام ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) ( اعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه ) تماما كما حثنا على المسئولية وأداء حق الناس في الربح
( وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) ( وقفوهم إنهم مسئولون )
هذا المقال نشر بصحيفة المصريون الالكترونية  وفيه أقدم نموذجا عمليا لفكرة الادارة بضمير

الادارة بضمير- حسن شحاتة نموذجا



د. حمزة زوبع | 03-02-2010 23:10

لم أرغب في الدخول في جدل إبان الحملة الغربية وشبه العلمانية على المدرب المصري الخلوق حسن شحاته بسبب تمسكه بالأخلاق كأحد معايير اختيار اللاعبين لتمثيل الفريق القومي وذلك حتى نكمل متابعة المباريات التي كانت مثيرة حقا ً .

قبل أكثر من سبعة أعوام تقريبا أهداني صديق كتابا قيما بعنوان ( الادارة بضمير ) وهو مترجم عن كتاب باللغة الانجليزية يعني وبدقة ( الادارة بوعي) ثم بعد عدة سنوات وقعت يدي على كتاب آخر بعنوان ( الادارة بإيمان ) أو على نحو دقيق ( الادارة بمرجعية دينية )

والكتاب الأول يتحدث عن عن دور الوعي في ادراك وتحليل وفهم واحترام مشاعر من تقودهم وتتحمل مسئولية ادارتهم .. وكيف يمكن لمدير مستيقظ الضمير واع الاحاسيس ، مقبل ومتفائل ، غيور ومتحمس ، عاطفي ومتواضع أن يصنع الفرق في المكان الذي يديره ... بينما يمكن لمدير آخر متعجرف متعال بلاضمير أن يضيع مؤسسة كانت يوما ما في أزهى عصورها .

والكتاب الثاني يتحدث عن الدين والروحانيات وتأثيرها على المشاعر الانسانية من خلال اضافة لمسة روحانية راقية على التعامل الانساني الراقي أيضا في ظل التعامل بالقانون والاجراءات والنظم التي عادة ما تتسم بالجمود ويراها البعض قاسية أحيانا ..

وقد حاول العديد من الخبراء العرب تأصيل نظرية الإدارة بالإيمان من خلال ربط القوانين والتشريعات والاجراءات بمسحة ايمانية تخفف من قسوتها .. واليوم لدينا حسن شحاتة كنموذج لهذه الحالة من الادارة بوعي وبضمين وبلمسة ايمانية راقية ...

1- فحسن شحاتة ليس عضوا في تيار أو تنظيم ديني ولم يعرف عنه يوما أنه متطرف في ارائه ولا في سلوكياته ولكنه أدرك أن الايمان المتوغل في قلب ووجدان الشعب المصري بأكمله مسلميه ومسيحيه يمكن أن يصنع الفرق مع لاعبين لا تنقصهم الموهبة ولا الغيرة ولا الحماسة ولا الرغبة في تحقيق انتصار قوي وغير مسبوق .

2- توفر لحسن شحاتة ما توفر لغيره من لاعبين ودعم سياسي ومالي ولكنه قرر أن يضيف عنصرا آخر وسلاحا جديدا عادة ما يستخدم في المراحل الفاصلة في تاريخ المؤسسات والدول ... وهو سلاح الدين أو الضمير أو الروح ... ولا يمكن أن يغفل أي باحث اداري عن حقيقة أن التحفيز أحد وسائل النجاح والتغيير ..

3- ونجح حسن شحاتة أن يحفز لاعبيه في اطار من التدين الجميل واللطيف وغير المتكلف ، فمعظم اللاعبين يصلون ولكن أن يصلوا في جماعة خلف لاعب صوته جميل أو رخيم أو فيه خشوع ، هذا هو الفرق ... ويمكن القياس على ذلك في اكثير من المواقف الانسانية والتربوية .

4- واللاعبون الراغبون في صناعة مجد لهم مكنهم حسن شحاتة من صناعة هذا المجد من خلال الاتفاق أولا على معنى المجد ثم التحول الى لمن يكون المجد اولا هل يكون للاعبين أم للفريق بأسره ! ، وهكذا اتفق الجميع على تحقيق الغاية التي من خلالها ومن خلالها فقط يمكنهم تحقيق أهداف فرعية ..
فقد نجح احمد حسن وجدو والحضري وزيدان ومحمدي في تحقيق أهداف لم ينجحوا في تحقيقها من خلال العمل الفردي في مرات سابقة .

5- ألغى حسن شحاتة فكرة اللاعب النجم واستغنى عن لاعبين كبار من الناحية الفنية -ولكنهم يميلون للفردية واستعراض العضلات ويختلفون عن زملائهم سلوكا وتصرفات .. وبهذا تخلص من أحد أسوأ تحديات وعقبات الادارة الحديثة وهو الفردية ...

6- ربط حسن شحاتة بين كرة القدم كلعبة وبين العمل كعبادة وتمكن من غرس مفهوم جديد للتعاطي مع الكرة بوصفها عملا يستحق الاخلاص والتفاني والعمل بصمير ، كما ربط بينها وبين العلاقة مع الله الذي ينمحهم التوفيق في عملهم هذا لقربهم منه واخلاصهم له ...

7- جعل حسن شحاتة من مهمة الفريق مهمة وطنية في ظل اخفاقات سياسية واقتصادية عديدة ما جعل اللاعبين يفكرون في اسعاد الناس وهو ماصرح به العديد منهم بعد كل مباراة ، وتحولت الكرة إلى مهمة اسعاد الناس وهي مهمة انسانية راقية عوضا عن كونها رسالة ايمانية

8- كان حسن شحاته نفسه نموذجا اخلاقيا رائعا وهو يتحدث مثنيا على الله وشاكرا له ومعترفا بفضله وتوفيقه ومتمنيا الآ يتخلى التوفيق او ما يقولون عنه ( الحظ ) أبدا.

9- صحيح أن حسن شحاتة عادة ما يتحدث عن مسئولين كبار منهم السيد رئيس الجمهورية ونجليه ودورهم في دعمه ومساندته وقد يراه البعض تزلف ولكنني أراه اعترافا بالفضل للرئيس الذي اتصل به مرارا وشجعه مرارا حتى في وقت الأزمة وهذا لا يعني أن الرئيس هو صانع الانتصارات بل هو حسن شحاتة جملة وتفصيلا .
واخيرا يمكن للمتطرفين المعارضين لفكرة التدين والاخلاق ودورها في تعزيز العمل الاداري أن يعودوا ويراجعوا النماذج التحولية في التاريخ الانساني ليكتشفوا أن العالم وفي ظل المادية المفرطة بدأ يبحث عن الضمير من جديد .. وأسألوا لاعبي البرازيل ونيجيريا وتونس الذين عبروا كل على طريقته عن شكرهم لله
آخر السطر
فيه ناس عندها ضمير
وناس ضمايرها في الانعاش
وناس تتمنى تصاحبها
وناس يا ما كثر مصايبها
وناس تتمنى تنساها
وناس عنها ما تستغناش
Zawba-mba.blogspot.com