الأحد، ٢٤ يناير ٢٠١٠

استراتيجيات (5)

هذا المقال نشر باليوم السابع يوم السبت 23 يناير 2010 واعتقد أنه مناسب عند الحديث عن الاستراتيجيات لذا أرجو قراءته في اطار الاستراتيجيات وسوف نعود للحديث عن كيفية اختيار استراتيجية مناسبة لشركتك أو جمعيتك أو حتى بلدك !! 

د.حمزة زوبع

التنافسية السياسية

السبت، 23 يناير 2010 - 19:38
Bookmark and Share Add to Google ليس بمقدور أحد أن ينكر أن عالم اليوم هو عالم التنافسية الدولية Global Competitiveness فى كل شىء بدءا من التنافس على فتح أسواق جديدة كما فى عالم التجارة العامة (الصين وأمريكا)، إلى التنافس على كسب شعوب جديدة كما فى عالم الثقافة والفن (فرنسا وإيطاليا)، ومن كسب أنصار جدد كما فى عالم كرة القدم (البرازيل والأرجنتين وألمانيا) إلى كسب مواقع متقدمة فى ترتيب سلم الدول كما فى عالم التنمية (كوريا وسنغافورة وماليزيا) أو كسب مواقف تؤهل لاحترام العالم كما فى دنيا السياسة (تركيا – أسبانيا – ألمانيا) أو التنافس على سوق السلاح (إسرائيل – أمريكا وروسيا ) وهذه مجرد أمثلة.

وكلما تمدد دور دولة ما فى الجوار المحيط بها وتعاظم نفوذها وتأثيرها على اللاعبين الأساسيين فى الجوار كلما كانت كلمتها مسموعة وقدرتها على الفعل أكبر وأعظم - لا أتحدث هنا عن استخدام القوة العسكرية - بقدر ما أتحدث عن الدبلوماسية.

وبقدر ما تملك الدول من أدوات تأثير بقدر ما يمكنها التأثير وليس التأثير هنا تأثيرا قسريا بل إيجابيا وطوعيا، فعلى سبيل المثال فإن معظم شعوب الجمهوريات الإسلامية فى الاتحاد السوفيتى السابق لا تزال تؤمن بدور تركيا ولا تزال يد تركيا ممتدة لهذه المنطقة وبفضل هذه القدرة على التواصل مع الشعوب تمكنت تركيا من أن يكون لها وجود وقبول سياسى ليس فى تلك الجمهوريات فحسب، بل فى المنطقة العربية وهو وجود لا يشكك فيه أحد. وهذا مبعث قوة الشخصية التركية واعتزازها بذاتها فى أى مكان.

ويمكنك الحديث عن فرنسا التى وبفضل ثقافتها نجحت فى تشكيل شبكة من الدول المعروفة بالفرانكوفونية فى أنحاء متفرقة من العالم، هذا قبل أن تقود منظومة اليورو – أوسطية الجديدة. ولا حاجة هنا للقول بأن الجنسية الفرنسية تجلب لصاحبها احتراما وتقديرا عاليين فى المحافل الإقليمية والدولية.

ولو نظرت إلى دولة البرازيل وهى دولة مكتظة بالسكان، لوجدت أن أحد عوامل تأثيرها العالمى هو تميزها وتفردها فى مجال كرة القدم وهو نفوذ رياضى يجعل من المواطن البرازيلى العادى موضع احترام أينما حل.

وتسعى العديد من الدول لمنافسة البرازيل فى عالم كرة القدم ليس لنيل كأس البطولة فحسب، بل لاستخدام تلك الكأس والبطولة لتعزيز موضع تلك الدولة فى الخريطة الدولية.

وقد تكون دولة بحجم قطر الشقيقة نموذجا للتنافسية التى أتحدث عنها، فقط الصغيرة تاريخا وسكانا وجغرافية لم تتأثر بهذه العوامل (السلبية – إلى حد ما) فلا التاريخ يسعفها ولا الجغرافيا تمكنها من فرض رأيها ولا تعداد سكانها يغريها وليس لديها قوة مسلحة تمكنها من تهديد جيرانها ولكنها وفى ظل فهمها العميق لمعنى التنافسية بحثت عن الشىء المفقود وبدأت تنسج خيوط إستراتيجيتها التنافسية فكانت نتيجة البحث هى أن العالم العربى يفتقد إلى إعلام حر وهى نقطة تميز يمكنها استثمارها لإعادة (تموضعها) فى العالم العربى فكانت (قناة الجزيرة) ثم شبكة الجزيرة ثم شبكة الجزيرة الرياضية ثم استضافة الأحداث الرياضية الكبرى ثم تميزها فى مجال الغاز واليتروكيماويات.. وعلى الرغم من وجود كيانات كبيرة فى الجوار، إلا أن التفكير النمطى لا يزال يسيطر على عقول المسئولين فيها ولا يزال بعضهم يعيش فى أوهام أمجاد الماضى، بينما تقوم دول ضغيرة بغزل خيوط المستقبل بأدوات تبدو بسيطة، ولكنها فى الغالب ليست سهلة الاستخدام فى ظل نظم درجت على التفكير السلبى والارتباط بالماضى أكثر من التفكير فى المستقبل.

التنافسية السياسية هى التى جعلت من قطر عنصر منافسة لدول كبرى فى قضايا كانت تلك الدول تمتلك أوراقها وملفاتها فى يوم من الأيام، فمن الذى جاء بقطر إلى ملف دارفور؟ ومن الذى أتى بها فى لبنان؟ ومن الذى منحها القوة للتعاطى مع ملف اليمن والحوثيين؟ ومن الذى صنع منها البلد المضيف لشبكة إخبارية قلّ نظيرها فى عالمنا العربى وربما كانت منافسة لمحطات عالمية تحاول اليوم منافستها عبر ( تعريب ) قنواتها الإعلامية مثل البى بى سى وفرانس 24 وروسيا اليوم والتلفزيون الألمانى...؟

والتنافسية السياسية هى التى جعلت من إيران دولة محورية فى المنطقة، دولة وصلت بنفوذها إلى حدود مصر التى لم تستطع الحد من نفوذ إيران فى دول الجوار التى تقول مصر إن لديها علاقات قوية ونافذة بتلك الدول.

إيران تتعاطى مع الملف العراقى بطريقة أكثر فاعلية من السعودية والكويت والإمارات ومصر والاردن، وتمتلك قوة تأثير هائلة فى الملفين اللبنانى والفلسطينى رغم أنه تقف فى المعسكر المناوئ لأمريكا وإسرائيل وهو معسكر يضم قوى (الاعتدال !!) أيضا.

إيران لديها تأثير فى أفغانستان بينما السعودية على سبيل المثال لا يمكنها وليس بوسعها فعل شىء كبير فى هذا الملف، ولإيران تأثير كبير على سوريا لا ينكره ولا يستطيع أحد ابعاد سوريا عن منطقة النفوذ الإيرانى.

جاءت فرنسا إلينا ومعها روسيا والصين وإنجلترا لينافسوا (الجزيرة) بينما البعض فى بلادنا لا يزال لا يعترف بقدرة (الجزيزة) وبمكانتها ويتهمها بتحريك وتأليب الشعوب على حكامها...

فلماذا أتت دول لم تكن تعترف باللغة العربية إلى عالمنا ولتخاطبنا نحن العرب بلغتنا وتقدم لنا تاريخها وحضاراتها وأفكارها السياسية ومشاريعها الاقتصادية؟

إنها التنافسية السياسية من أجل توسعة رقعة النفوذ فى المنطقة العربية ومزاحمة اللاعب الوحيد والكبير (أمريكا) واللاعبين الجدد أيضا، بينما النظم العربية نائمة فى بحر العسل تنتظر التعليمات وتنتظر فشل أى من تلك المشاريع بدلا من أن تفكر فى بناء مشروعها الخاص.

المنافسة السياسية لا يمكن أن تكون إلا فى دول تشعر شعوبها بأهميتها وتشعر أنظمتها بما يدور حولها من متغيرات.

ماذا لو قررت مصر أن تصبح بوابة العالم لإغاثة الفلسطينيين بدلا من أن تشارك ( فى حصارهم) و(تطارد) من يقدم لهم يد العون؟

لو فعلت مصر ذلك فسوف تتحول العريش ورفح إلى مدن لا تعرف النوم من كثرة زوارها ومن الحركة التجارية فيها، وسوف يشيد العالم بانسانيتنا وسوف تتوافد على بلادنا الوفود من كل مكان وسوف ينتعش اقتصادنا بدلا من أن تهرّب بضائعنا إلى غزة عبر الأنفاق، وسوف نعيد ترتيب أوراق القوة فى المنطقة! أليس كذلك؟

لنفكر فى الأمر بجدية ونسأل أنفسنا هل ما يحدث فى غزة فرصة حقيقية متاحة لمصر لكى تعيد تموضعها على الخريطة العربية والعالمية من جديد؟ أم أن غزة ستظل نقطة ضعف يضغط علينا بها الجميع!

فى رأيى المتواضع أننا أمام فرصة جديدة للعودة والمنافسة من جديد، فهل من مجيب؟

آخر السطر
الريس مبارك
حط الوزير فى خانة اليَك
لما لاقاه بيعُك
نظرة يا ريس على البقية
أحسن فيهم ناس
ما تجيش غير بالصّك!

تعليقات (4)

1

يبدو أننا نؤذن في مالطا

بواسطة: أبو زياد الورداني
بتاريخ: السبت، 23 يناير 2010 - 20:32
لا فض فوك يا دكتور حمزة لم يكن الإنجاز يومًا بالكثافة السكانية أو الموقع الجغرافي أو عدد أفراد جيشه ، وما فاجأني فعلاً تأكيدًا على كلامك النشاط الإيراني من خلال سفاراتها في عواصم الغرب الأفريقي وبغض النظر عن النشاط المذهبي فلكلٍ حقه لم تنشغل بما يثار حولها من نووي وإصلاحيين ومحافظين وتخوف من دول الجوار الخليجي وو . . . فضلاً عن الحضور الرياضي والفني مؤخرًا إنما آخرين يجيدون الصراخ ويحترفون كيل الاتهامات هذه حجة البليد والتعيس الموكوس فكل ما أشرت إليه يشير إلى هؤلاء الذي يجيدون التغني بالتاريخ والسمعة كفاكم بقى وانتبهوا فأنتم من إخفاق إلى إخفاق في الجعبة الكثير والكثير وأختم لا جف حبرك يا دكتور
2

تنافسية أخرى

بواسطة: megawer
بتاريخ: السبت، 23 يناير 2010 - 21:46
هل حقاً تظن سيدى أن مصر قد تنافس بفتح المعابر لينتعش اقتصادها وتكسب قوة حقيقية فى المنطقة؟ هل تريد أن تخسر مصر أهم مشروع لها تدفع من أجله التضحيات تلو التضحيات وتنسحب فى سبيله من المنافسات، هذا المشروع هو مشروع العمر لولى العهد القادم الذى لا ينتظر سوى مباركة أمريكية، فلا تحاول بدهاء أن تجر مصر لخسارة صفقة العمر
3

الانتقال من مفهوم الميزة النسبية إلى مفهوم الميزة التنافسية

بواسطة: البلجيهى
بتاريخ: السبت، 23 يناير 2010 - 22:16
استاذى د.حمزة زوبع اعزك الله والله اصبحت اشتاق لمقالاتك وانتظرها كل حين اما عن الموضوع :

لقد مرت سنون كثيرة لنا نعدد فيها مزايانا كأمة عربية أو إسلامية باعتبارها مزايا نسبية فنقول مثلاً نحن أكثر البلاد اعتدالاً، وثروة، وتجانساً، في الدين واللغة والتاريخ المشترك.. وغير ذلك.
أي أن الأمر يرجع إلى مجرد الميزة النسبية، كأن نقول فلان أطول أو أغنى من فلان. لكن هل يعني ذلك في حد ذاته أفضلية لفلان الأول على فلان الثاني؟
بالطبع لا، حيث إن مجرد الميزة النسبية لا تعني ميزة تنافسية، أي الأفضلية على المنافسين، فربنا تكون أقل مالاً، لكن لديك كثير من المزايا التنافسية تجعلك أفضل من الأكثر مالاً، ويمكن أن تحوله إلى ميزة تنافسية تخدم أهدافك.
تماماً كما هو الحال بالنسبة للثروات الطبيعة الهائلة لدى بعض الدول، لكن نجد أن الذي يحولها إلى فائدة له هو من استطاع تحويلها إلى ميزة تنافسية تخدم أهدافه وليس مجرد ميزة نسبية، مثلما نجد فيما يتعلق باليابان كأوضح مثال حيث تفتقر إلى أي مورد طبيعي مثلما هو متوافر لدى كثير من الدول العربية أو غيرها من الدول. لكن اليابان لم تقف عاجزة أمام ذلك وبحثت عن عناصر أخرى للتميز، وخاصة فيما يتعلق بأعظم مورد وهو المورد البشري وإنتاجه العقلي والفكري الفذ في ظل نظام إداري متميز، مما حول الميزة النسبية لدى الآخرين إلى ميزة تنافسية لليابانيين، أو من يحتاج إليها هم الذين انتجوها أول مرة، ويدفعون في سبيل الحصول عليها أضعافاً مضاعفة مقارنة بأسعارها كمواد خام..!
4

ف فايدة لاء مفيش فايدة

بواسطة: احمد
بتاريخ: الأحد، 24 يناير 2010 - 00:00
مقال مميز بدون شك شك ميرسي يا دكتورحمزه وربنا يخليك لينا وميحرمك مننا ابدا المهم بيقوله ان الطيب رجب اردوغان وهوغو شافيز ورئيس جنوب افريقيا منظمين حملة زي بتاعت المستر جالاوي لغزه كان نفسي اننا نستغل طبعا مش متاجرة بالقضيه الخربانه لا سمح الله ولكن تحويل الرياح الخاصة بالسفن اي وجهة الاعلام اللي مالوش لازمه بتاع الحكومة ناحيه اسرائيل وبدل ما مصر تشتم عمال علي بطال يشتمو اسرائيل شويه عشان احنا انهزئنا بما فيه الكفايه وكدي كفاية كدي تجريح ام بالنسيه لدور مصر مقارنة بالدول المذكورة وقوتها وتاثرها فنحن بلا فخر عندنا قوات الامن المركزي امام الجامعات وهذا يكفي لاظهار قوة مصر الناعمة امام شعب مصر وطظ مليون طظز في العالم الخارجي لاننا في الوقت الراهن دولة محورية من ميدان التحرير لحد بنها العسل وشكرا يا دكتور ع المقال العسل